ملخص الخطبة | |||
1- الوقاية من الغيبة. 2- السعيد من شغل بعيبه. 3- مجالس الغيبة. | |||
الخطبة الأولى | |||
أما بعد: فإن من السهل على الإنسان أن يتحدث عن الأمراض والآفات، وعن الكبائر والموبقات، وعن صور الظلم المتنوعات، لكن الأصعب هو معرفة سبل الابتعاد عنها وإيجاد العلاج منها. لقد رأينا معكم في الجمعة الأخيرة مظهرًا فظيعًا من مظاهر الظلم ألا وهو الغيبة، رأينا أسبابها وذكرنا منها أربعة: تشفي الغيظ، ومصانعة الجلساء، واللّعب والهزل، والاهتمام بالناس دون النفس. فقد آن لنا أن نقف وقفة صدق، نذكّر أنفسنا بأنها قد تمادت في العصيان، وقد بلغت حد الطغيان. نقف وقفة سائلين الله أن يبصرنا سبل السلام التي تقودنا إلى دار الأمن والسلام. آن لنا أن نتذاكر فيما بيننا الأسباب التي تعين المسلم وكل محب لله وطامع في رضاه، تعينه على اجتناب هذا الداء العظيم. 1- أولها: الالتجاء إلى الله والافتقار إليه ودعاؤه سبحانه بأن يقينا شرور أنفسنا، فإن الأحمق كل الأحمق هو من يثق بنفسه ويبرئها من العيوب، مع أنّ الله تعالى قال: 2- السبب الثاني: تعظيم هذا الذنب، وتذكير النفس بأنه من أفظع العيوب في حق المسلم، قال الفضيل: "بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله"، وليعلم المغتاب أنه بالغيبة يتعرض لسخط الله ومقته وغضبه، وكيف يأمن على نفسه وهو يسمع قوله تعالى: وإذا أردت أن تعلم عظم الذنب الذي أنت عليه فتذكر الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة مرفوعًا: ((أتدرون ما المفلس؟)) قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: ((إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح إلى النار))، فمتى استحضر المسلم هذا كفّ لسانه عن الغيبة، ورحم الله الحسن البصري، فقد بلغه أن فلانًا يغتابه، فذهب إليه وأهدى له طبقًا من التمر الجيد وقال له: "لو وجدت أحسن من هذا لكافأتك به لما تهديه إلي من الحسنات". ويؤيد ذلك السبب الثالث: 3- التزام الصمت، فإن الكلمة لك ما لم تخرج من فيك، فإذا خرجت كانت عليك، وفي الحديث: ((من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)) رواه البخاري، وقال معاذ للنبي 4- ومن أكبر الأسباب الواقية من الغيبة الاهتمام بالنفس وعدم الاهتمام بالناس، فقد روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعًا: ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)). فما يعنيني إذا اشترى فلان أو باع؟ وما يعنيني إذا تزوج فلان بمن هي أصغر منه؟ وما يعنيني إذا طلق فلان زوجه؟ وهذا الأمر يقصد به الرجال والنساء معًا، فقد كان الفضول قديمًا من صفاتهن، ولكن كثير من الرجال أشبهوهن في ذلك. ولا عجب أن النساء ترجلت ولكن تأنيث الرجال هو العجيب
فإن عبت قومًا بالذي فيك مثله فكيف يعيب الناس من هو أعور وإن عبت قومًا بالذي ليس فيهم فـذاك عنـد الله والناس أكـبر ولا يمكن ذلك إذا كنا عن السبب الرابع والخامس غافلين وهو: 5- القيام من مجلس الغيبة، فاعلم أن المستمع للغيبة شريك فيها، والسامع أحد الشاتمين،
| |||
![]() الخطبة الثانية | |||
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. أما بعد: فاعلموا ـ عباد الله ـ أن الشيطان الرجيم يغتبط أشد الاغتباط بظلم العباد بعضهم لبعض، ولو باعت إحدى الدول الإسلامية سلاحًا لليهود مثلاً لأنكر كل الناس عليها ذلك، وقالوا: كيف تعينون العدو على إخواننا، فكذلك المغتاب الذي يشتغل بالناس يعين الشيطان الرجيم على إلقاء العداوة والبغضاء بين المسلمين. لذلك تجدوننا نذكركم بهذه الأمور، عسانا نجدد العهد مع الله تعالى أن لا نغتاب أحدًا بغير حقّ، ذكرنا لكم خمسة أسباب: دعاء الله تعالى، وتعظيم هذا الذنب العظيم، والتزام الصمت، والاشتغال بالنفس، وترك مجالس الغيبة، بقي علينا أن نذكركم بسبب عظيم يعين المسلم على تقوى الله في عرض أخيه. 6- حسن الظن، فاعلموا أن المسلم إذا بلغه شيء عن أخيه فليحسن الظن به قدر الاستطاعة، قال تعالى: ومن لم يغمّض عينه عن صديقه وعن بعض ما فيه يمت وهو عائب ومن يتبـع جاهـدًا كل عثرةٍ يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب بل الجأ إلى طريقة الله ورسوله، وسارع إلى نصحه وإرشاده إلى الصواب، فإننا كلنا نخطئ بالليل والنهار، تذكره بطاعة الله وتقواه، فيستجيب ولا ريب في ذلك، فتكون قد أحسنت إليه أكبر إحسان دون أن تغتابه أو تقدح فيه. |
الأسباب المعينة على ترك الغيبة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق