ملخص الخطبة | |||
1- من المهدي المنتظر؟ 2- المهدي عند الشيعة. 3- وقفة مع منكري المهدي. 4- ادعاء المهدوية. 5- زمن ظهور المهدي. 6- نزول المسيح عليه السلام وقتله الدجال. 7- المخرج من الفتن تقوى الله. | |||
الخطبة الأولى | |||
أما بعد: فقد رأينا في الخطبة السابقة أعظم فتنة تصيب المسلمين وأكبر بلاء يهدد الدين وشرَّ واقع في حياة الأولين والآخرين، ألا وهو "المسيح الدجال"، ذكرنا جوانب عدة منه، فبينا صفاته وعظم بلائه وفتنته، حتى حذر منه كل نبي قومه، وذكرنا كذلك أنه يوشك أن يؤذن له بالخروج، وكان آخر شيء تلوناه على مسامعكم حديث تميم الداري الطويل، حتى وقفنا عندما أشار النبي اعلموا أن المسيح الدجال لا يخرج حتى يظهر المهدي المنتظر، رجل صالح يبعثه الله عز وجل خليفة حكما عدلا من سلالة النبي هذه هي عقيدة أهل السنة في المهدي، فهو رجل صالح يبعثه الله ليصلح ما أفسد الناس، وهو قرب خروج المسيح الدجال. أما الشيعة فالمهدي عندهم عبارة عن أسطورة وخيال، يعتقدون أنه آخر أئمتهم، وهو المدعو بمحمد بن الحسن العسكري، دخل سرداب سامراء منذ ألف ومائة عام وكان عمره خمس سنوات، ولم يظهر له أثر بعدها. قالوا: إنه سيخرج ويعيد لآل البيت كرامتهم، وذلك إذا فسد الزمان. سبحان الله، ما هذه الأباطيل والأساطير؟! ما الذي يجعله يختفي ولا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله؟! قالوا: إنه ينتظر فساد الزمان!! بالله عليكم هل ينتظر فساداً أكثر من هذا؟! فكلامهم هذا لا يدل عليه لا كتاب ولا حديث صحيح ولا عقل صريح، إنما هو خيال وضلال. ونحن لو لم تأتِ نصوص صحيحة في المهدي لما أثبتناه. وفي مقابل الشيعة هناك أناس لقبوا أنفسهم بالمفكرين، أنكروا المهدي بلا دليل، سوى أنهم قالوا: إن إثبات أحاديث المهدي سيؤدي إلى أن يدعي المهدوية كل أحد، كما فعلها كثير. فيقال لهؤلاء: أوردها سعد وسعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل صحيح، إن هناك كثيراً من الناس من لقب نفسه بالمهدي، وادعى بأنه هو، كما فعل الملحد الفاجر عبيد الله بن ميمون القداح الفاطمي زوراً، اليهودي الأصل، انتسب زورا إلى بيت النبوة، وادعى أنه المهدي، وملك واستفحل أمره وعظم شره، حتى استولى على بلاد المغرب ومصر والحجاز والشام، وادعى بعد ذلك الألوهية وانتشر أتباعه القرامطة الباطنية الرافضة، واشتدت بالمسلمين كربتهم وعظمت غربتهم، حتى سخر الله الرجل الصالح صلاح الدين الأيوبي فقضى عليهم. وممن ادعى المهدوية كذلك مهدي المغرب محمد بن تومرت سنة (524هـ)، والدارسون يعرفون مدى ظلمه وكذبه، حتى أمر أتباعه أن يدخلوا القبور ويخبروا الزائرين بأنه هو المهدي. وبعد ذلك يردم عليهم القبر ليموتوا ولا يفضحوه. ولا يزال كثير من الناس يدّعي المهدوية، ومن أواخرهم المدعو جهيمان السعودي، الذي قام بأكبر فتنة في الحرم المكي وقتل هناك منذ سنوات. هذا كله صحيح، لكنه لا يجعلنا ننكر أحاديث صحيحة لأجل ذلك، وإلا ـ حسب منطقهم ـ يجب علينا أن ننكر ربوبية المولى تبارك وتعالى لأجل من ادعى الربوبية، وهذا لا يقال، فهو كلام محال. نعود إلى المهدي الذي يملأ الدنيا قسطاً وعدلاً، فيكون بين المسلمين والروم هدنة، حتى إنهم يشتركون جميعاً في غزو عدو مشترك لهم، فينصرهم الله، حتى إذا كانوا بمرج ذي تلولٍ وقف رجل من النصارى ورفع الصليب وقال: غلب الصليب. فيغضب رجل من المسلمين فيدق الصليب. هنالك تغدر الروم وتجمع جيوشها للملحمة الكبرى والمعركة العظمى ضد المسلمين. وينصر الله تعالى عباده ويفتحون مدينة كبرى هي "روما" في أصح الأقوال، لأنه في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر؟)) قالوا: نعم يا رسول الله، قال: ((لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحق، فإذا جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها)). و"روما" كما تعلمون بها عاصمة الكفر "الفاتيكان". فبينما يكون المسلمون يتقاسمون الغنائم إذ جاءهم الصريخ والخبر الفظيع: إن المسيح الدجال قد خرج. فيتركون كل شيء ويرجعون. وهذه هي علامات الساعة الكبرى ـ عباد الله ـ تتلاحق كالمطر، لا يكاد يفصل بينها فاصل، فقد قال المسيح الدجال وفتنته العظمى، يبقى أربعين يوماً، يعثو في الأرض فساداً وتضليلاً، أكثر من يتبعه اليهود والنساء، فقد روى الإمام أحمد عن عثمان بن أبي العاص مرفوعاً: ((وأكثر تبعِه اليهود والنساء)) يتبعه اليهود لأنهم يؤمنون به ويدعونه بالمسيح بن داود، ينتظرونه لأنه يرد إليهم ملكهم كما يزعمون. يبلغ حينها الضيق بالمسلمين مبلغه، يعدون للقتال، وبينما المهدي ذات يوم يسوّي الصفوف لصلاة الفجر، وتقام الصلاة وهم في كربة شديدة، إذا بالمهدي يلتفت ويلتفت معه المسلمون فيرون رجلاً داخلاً عليهم، رجل مربوع بين الحمرة والبياض، كأن رأسه يقطر ماء وإن لم يصبه بلل. أتدرون من؟ إنه المسيح عيسى ابن مريم رسول الله عليه السلام.. إنه عيسى ينزله الله تعالى إلى الأرض ليخلص المسلمين من المسيح الدجال وفتنته. فيراه المؤمنون فيعرفونه لأنهم يعرفون صفاته، فيرجع المهدي القهقرى ليتقدم عيسى للصلاة، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول: تقدم فصلّ فإنها لك أقيمت. فيصلي بالمسلمين وبعيسى رجل من أمة المسلمين تكرمة الله لهذه الأمة. ينزل عيسى عليه السلام بالمنارة البيضاء بباب شرقي بدمشق، ويحكم بشريعة الإسلام، وهذا فخر لهذه الأمة، فقد روى أبو نعيم عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: ((منا الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه)). ينزل كما وعد الله، فإن الله تعالى ذكر في القرآن أن نزول عيسى من علامات الساعة فقال: أول أعماله هي قتل المسيح الدجال، فبمجرد انقضاء صلاة الفجر يتوجه عليه السلام مع المهدي وجيش المسلمين إلى بيت المقدس، حيث يحاصر الدجالُ وأتباعُه اليهود المسلمين هناك. ففي سنن ابن ماجه عن أبي أمامة مرفوعاً: ((يقول عيسى: افتحوا الباب فيفتحونه ووراءه الدجال ومعه سبعون ألفاً من اليهود، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هارباً، فيدركه عيسى عند باب لُدّ فيقتله))، وفي رواية عند مسلم: ((ولو تركه لذاب حتى يهلك، ولكن الله يقتله بيده فيريهم دمه)). هذا هو الدجال قد انتهى أمره وبطل شره، علامات تدل على قرب نهاية العالم، فماذا بعد ذلك؟ هذا ما سوف نراه في خطب لاحقة إن شاء الله.
| |||
![]() الخطبة الثانية | |||
الحمد لله رب العالمين، الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة، وجعل أمتنا خير أمة، وبعث فينا رسولاً يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الحكمة، أحمده تعالى على نعمه الجمة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تكون لنا فيها العصمة، وأن محمداً عبده ورسوله أرسله للعالمين رحمة، صلـى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه صلاة تكون لنا نوراً من الظلمة. أما بعد: فإني أعتقد أننا إلى الآن رأينا جملة كثيرة من أشراط الساعة، كلها فتن، وجميعها محن، فالدنيا تنادينا بشهواتها، والنفس تميل لرغباتها، وإبليس الرجيم يزين لنا طرق الضلالة، وخلطاء السوء يسحبوننا لغيّهم لا محالة، اشتدت كربتنا وقويت غربتنا، وليس لنا إلا الله وحده هو ربنا. فتعالوا بنا ـ عباد الله ـ نسمع وصايا الله فإنه تعالى خير موصٍ، تعالوا بنا نفزع إلى ربنا ومولانا وسيدنا ومالك أمورنا ومصرف قلوبنا، نسأله المخرج من الفتنة والنجاة من المحنة، فهو يقول في كتابه الكريم: وهكذا كان أبو بكر رضي الله عنه يقول في خطبته: (أما بعد: فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله). وعندما حضرته الوفاة قال لعمر: (يا عمر اتق الله). وها هو عمر يكتب إلى ابنه عبد الله قائلاً: (أما بعد: فإني أوصيك بتقوى الله، فإنه من اتقاه وقاه ومن أقرضه جزاه). وكذلك كان عثمان رضي الله عنه. واستعمل عليّ رجلاً على سرية فقال له: (أوصيك بتقوى الله الذي لا بدّ أنك ملاقيه وهو يملك الدنيا والآخرة). وعمر بن عبد العزيز يكتب إلى رجل قائلاً: (أوصيك بتقوى الله التي لا يقبل الله غيرها، ولا يرحم إلا أهلها، ولا يثيب إلا عليها، فإن الواعظين بها كثير والعاملين بها قليل). وقال رجل ليونس بن عُبيد: أوصني. فقال: "أوصيك بتقوى الله والإحسان، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون". وكتب رجل من السلف لأخيه فقال: أوصيك بتقوى الله فهي أعظم ما أسررت، وأزين ما أعلنت، وأفضل ما ادّخرت. فجملة القول أن التقوى هي وصية الله لجميع خلقه. قل لمن ضاق عليه رزقه: يقول تعالى: قل لمن عسر عليه أمره: يقول تعالى: قل لمن ضاق به صدره لكثرة ذنوبه، يقول تعالى: قل لمن يرجو رحمة الله: يقول تعالى: قل لمن شكا ضيق حاله: يقول تعالى: أبشروا أيها المتقون بمعية الله، فإن الله سبحانه كثيراً ما يقول: و أبشروا بمحبته فإنه تعالى كثيراً ما يقول: وأبشروا بتوليه لكم فإنه سبحانه يقول: أبشروا بقبول أعمالكم فإنه سبحانه يقول: أبشروا بما أعده لكم فإنه سبحانه يقول: وقد يقول قائل: ومن هذا الذي لا يرغب في التقوى ولا يريد مزاياه ولا يرجو عطاياه؟ ولكن أين السبيل إلى هذا التقوى؟ فنقول له: أبشر يا عبد الله، فإن الله تعالى قال: إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النيران وصفدت الشياطين ونادى منادٍ: يا باغي الخير أقبل، يا باغي الشر أقصر. بعد أيام، أنتم مدعوون لمأدبة الله تعالى، والدعوة عامة لا في قاعة الحفلات، إنما إلى ميدان الخير والطاعات، فهل أنتم مجيبون للدعوة؟ فعليكم إذن بالاستعداد من اليوم لهذا الشهر العظيم، لا بتحضير المأكولات، فإنّ هذا الشهر شهر الصيام لا شهر الطعام. إننا سئمنا هذا الروتين القبيح، هذه العادات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ووالله وألف والله إنه لشهر الصيام لا شهر الطعام. نسأل الله عز وجل أن يكتب القبول في قلوبكم لهذا الكلام، وإنني على يقين أن فيكم خيراً كثيراً لا يعمله إلا الله، فإن استجبتم لهذا النداء فنحن لكم من الشاكرين، وإن أبيتم إلاّ التمادي على ما ورثناه عن الآباء والأجداد، فاعلموا أنه يأتي النبي وليس معه أحد. وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه غفور رحيم جواد كريم |
علامات الساعة الكبرى (المهدي)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق