فتاوى العقيدة والمنهاج


السؤال 1


هل يعد تعليم الناس العلوم الشرعية من الدعوة الى الله؟؟؟؟
و هل يدخل في هذا الباب
لعل سؤالي غريب و لكني و الله يلتبس علي الامر فعلا
بارك الله فيكم


الجواب

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فلا شكّ أنّ تعليم النّاس العلوم الشّرعيّة هو من الدّعوة إلى الله، بل هو أظهر وأشهر وأوضح أبوابها، وأوسع طرقها.

لأنّ الدّعوة إلى الله يراد منها أمور ثلاثة:

1) الأمر الأوّل
: إدخال النّاس في دين الله أفواجا، وتعريفهم بالحقّ.

وذلك بعرض الإسلام وشرائعه كما أنزله الله على نبيّه صلّى الله عليه وسلّم.

2) الأمر الثّاني
: تثبيت النّاس على ما عرفوه من الحقّ:

وذلك بتعليمهم العلوم الشّرعيّة، من العرش إلى الفرش، أي: من مسائل التّوحيد، فالأحكام الشّرعيّة، والآداب الإسلاميّة، والمنهج الصّحيح الّذي يسير عليه المسلم، إلى أدقّ الأمور الّتي تقرّب إلى الله،

وتُبعِد من سخطه.

وتعليم النّاس العلوم الشّرعيّة:

أ‌)
هو ثلث الرّسالة المحمّدية، فقد قال تعالى:{ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ }.

وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ((إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلَا مُتَعَنِّتًا وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا)) [رواه مسلم].

ب‌)
والدّعوة إلى العمل دون علم، سبيل إلى الضّلال، فالعلم هو المصحّح للعمل، والله لا يقبل من العمل إلاّ ما كان خالصا صائبا، وليس يعرف ذلك إلاّ بالعلم.

ت‌)
وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : (( العُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ ))، (( وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ ))، فتعليم النّاس العلوم الشّرعيّة، هو دعوتهم ليكونوا من العلماء الأخيار،

والعاملين الأبرار.

3) الأمر الثّالث
: ثمّ ردّ الشّبه الّتي يوردها المخالفون للحقّ.

وهذا من أعظم الجهاد في سبيل الله تعالى.

هذا جوابي باختصار شديد، والله أعلم.




السؤال 2

-
هل التزكية شرط في عدالة الداعية ؟

الجواب

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:
فاعلم أخي الكريم أنّ السّؤال عن الدّعاة وترجمتهم ونشأتهم في طلب العلم شيء لا بأس به، ولكن أن يُجعل هذا الأمر هو المؤشِّر لسماع دروسهم والاستفادة من علمهم فهو خلاف الصّواب، بل هو من بدع العصر. وليس هذا موضع بسط هذه المسألة الّتي صارت سلاحا يُضرب به الدّعاة إلى الله تعالى، فلا ينطق الواحد منهم إلاّ قيل عنه: من زكّاه ؟ وذلك لما يلي:

1- الأصل أنّ الإنسان يزكّيه عمله وعلمه
، فكم من إنسان زكّاه العلماء لما يعرفون عنه من ظاهر الحال، ولكنّك تراه لا يقدّم علما ينفع به الأمّة، بل وربّما جرّ عليها همّا وغُمّة .. أفترى تزكية العلماء له تنفعه ؟!

2- إنّ تزكية العلماء هي إحدى وسائل التعديل
، وليست هي الوسيلة الوحيدة للتّعديل، فعندما قال محمّد بن سيرين وغيره رحمهم الله: ( إنّ هذا العلم دين، فانظروا عمّن تأخذون دينكم )، لم يقصِد بالنّظر هو طلب من زكّاه، فإن كانوا حقّا يطبّقون قواعد الجرح والتّعديل على الدّعاة –والأمر ليس كذلك ونسلّم لهم بذلك-فليعلموا أنّ الثّقة يعرف بأمور:

أ) بالشّهرة والاستفاضة:
فلا يُسأل عن حالهم، كمن برزوا في العلم وصاروا من أعلام أهل السنّة، كالإمام مالك والشّافعي وأحمد وأبي حنيفة واللّيث والأوزاعيّ وغيرهم، كذلك علماء عصرنا ممّن شهد لهم القاصي والدّاني بالعلم والتبحّر في السنّة، أمثال الشّيخ المعلّمي وأحمد شاكر وعبد الرّزّاق عفيفي، والشّيخ ابن باز، وابن باديس، والعقبي، والإبراهيمي، والميلي، والتبسّي، والعثيمين، والألباني، والفوزان، وغيرهم, فلا يحسن أن يقال: من وثّق هؤلاء، فهم ثقات بالاستفاضة.

ب) بشهادة العلماء:
وهم المعروفون بالعلم والورع:
العلم الّذي يعصم الإنسان من ( الجهل ) ومن إصدار الأحكام الخاطئة، فلا بدّ أن يعرف ما الّذي يُجرّح به المرء وما لا يجرّح به، فيميّز المسائل الاجتهادية من غيرها، والمسائل الّتي لا تُخرج المخالف فيها عن دائرة أهل السنّة.
والورع الّذي يعصم المرء من ( الظّلم ) التعدّي والبغي، فيتكلّم في المخالف بقدر مخالفته للحقّ، ولا يجد في ذلك لذّة ولا تشهّيا، بل يتمنّى لو كفاه غيره من أهل العلم بيان الخطأ.
فإذا تحلّى المرء بهذين الأمرين كان عادلا عالما، لا ظلوما جهولا.

ج)- بتتبّع مرويّاته:
فمن أكثر من موافقة الثّقات قيل عنه: ثقة، ومن أكثر من مخالفتهم قيل عنه: ضعيف، ومن قارب أحد هذين الصّنفين وصف بما اقترب منه، فيقال في شخص: صدوق، صدوق يخطئ، ثقة ربّما أخطأ ..الخ.
فمن عُدِم الأمران الأوّلان ( الشّهرة والتّزكية )، فلا يقال عنه: مجهول لا يؤخذ منه شيء !! بل يمكن تتبّع مقالاته وعلمه، فمن وافق الحقّ في معظم أحيانه فهو ثقة يؤخذ عنه العلم، ومن عُلِم منه أنّه فاحش الغلط، واقعا في البدع، ونحو ذلك، فهذا لا يُزكّى ولا كرامة.
وأدعو إخواني الكرام إلى أن ينظروا في علم دعاة بلدهم، أو تعرَضُ أقوالُهم وعلمُهم على من يثقون في حكمه، لينظر أين الغلط ؟ أين البدع العمليّة ؟ أين الانحراف العقديّ ؟ أين الأحاديث الضّعيفة ؟ أين خرافات الصّوفيّة ؟ أين أقوال الشّيعة ؟ أين أقوال جماعة التّكفير ؟ أين وأين وأين ؟
فإذا لم تستطع أن تضع داعية معيّنا ضمن طائفة من الطّوائف البدعيّة فاعلم أنّه صاحب سنّة، وأخطاءه-الّتي لا بدّ أن تكون بحكم البشريّة- لا تُخرجه عن دائرة أهل السنّة.
وأشرطتهم ولله الحمد متوفّرة، ولقد بلغت دروس بعضهم المسجّلة ما يفوق ألفا ومائتي درس !! أفلا يمكن أن يُوزن الشّخص بها ؟!

3- ثمّ أليس لو جعلنا هذا أصلا لكُنّا نعطّل الجُمَعَ والدّروس في سائر البلد بحجّة أنّه لا بدّ من تزكية هؤلاء ؟

وهذا لا يقول به عاقل. فلا بدّ على حدّ قولهم: أن نمنع الدّروس والخطب في القطر كلّه بل في العالم كلّه حتّى في إندونيسيا وماليزيا وغيرها، حتّى تظهر تزكيتهم ؟!!!!
وتذكّر ما قلته في بداية كلمتي هذه أنّ طلب التّزكية دون النّظر إلى علم الشّخص وعمله من البدع.
والله أعلم وأعزّ وأكرم.


السؤال 3

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أفيدونا ، جوزيتم خيرا

البوقالات ، يقولون عنها فأل خير و لمجرد التسلية

تتداول بين الجزائريين كموروث قديم ،

تنشرفي وريقات صغيرة داخل علب الحلوى في الأعراس

و نجدها تقريبا في كل المنتديات الجزائرية

نرجوا ايضاح الحكم الشرعي فيها

بارك الله فيكم و جعل الجنة مثواكم

الجواب


الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد: وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.

أمّا ما يسمّى بـ( البوقالات ) فأصلها من عمل السّحرة والمشعوذين، الّذين استغلّوا جهل النّاس وفراغهم الرّوحي، وتعلّقهم بأيّ شيء يردّ إليهم الأمل، ويعيشون به على بساط الرّجاء.

وللبوقالة صورٌ، ولكلّ صورةٍ حكمها الخاصّ بها.

·
الصّورة الأولى: أن تقترن بما يسمّى بـ( الأبراج ).

فيجعلون لكلّ برج منها بوقالة تناسبه، بمعنى أنّها تناسب الشّخص المولود في ذلك الشّهر.

ولا يشكّ مسلم في تحريم هذا النّوع، وأنّه شرك بالله تعالى.

وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنْ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ )) [رواه أبو داود وابن ماجه بسند حسن].

وقد روى البخاري ومسلم واللّفظ له عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟)) قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: (( قَالَ:


أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ
، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ )).

قال الإمام الشّافعي في ( الأمّ ):

" من قال ( مُطرنا بنوء كذا وكذا ) على ما كان بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر إلى مطر نوء كذا، فذلك كفر كما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنّ النّوء وقت، والوقت مخلوق لا

يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً، ومن قال ( مطرنا بنوء كذا ) بمعنى مُطرنا في وقت كذا، فلا يكون كفراً وغيره من الكلام أحبُّ إليّ منه ". اهـ.

هذا فيما يخصّ من ربط شأنه بالمطر فحسب، فكيف بمن يتتبّع أخبار الكواكب في جميع شؤون حياته ؟!

· الصّورة الثّانية: أن تقترن ببعض الأفعال المشابهة لعمل السّحرة.

فكثير ممّن يهتم بهذه البوقالات يستعمل فيها: الكانون، والبوقال [وهو ما يضعون فيه تلك الأوراق المكتوبة]، والعطور السّبع: الجاوي الأبيض، والجاوي الأسود، وعود الندّ، واللّبان، والقصبر، وغيرها.

ثمّ يجتمعون ويقومون بما يسمّونه بـ( التّبخيرة )، حيث يضعون الفحم ثمّ يضعون فيه البخور، ثمّ يقومون بقراءة بعض الجمل والعبارات المسجوعة.

وبعد التبخيرة يملأ ما يسمّونه بـ( البوقال ) بالماء ويغطّى بطربوش أو منديل، لتُدخِل إحدى الفتيات يدها فيه لتجلب منه شيئا كخاتم أو شيء آخر، وهناك يُحدّد مصيرها !!

وهذا لا شكّ في تحريمه أيضا، لأنّه من أعمال السّحرة والمشعوذين، وفيه تعلّق المسلم بغير الله تعالى، وطمس لعقيدة القضاء والقدر.

حتّى وإن فعلوها غير قاصدين عمل السّحر، فلا يحلّ بحال التشبّه بالكفرة في أعمالهم وأقوالهم وطقوسهم.

· الصّورة الثّالثة: أن تخلُوَ ممّا سبق ذكره.

فلا يعلّقونها بالأبراج، ولا بما يشبه عمل السّحرة، فيقول أحدهم مثل هذه البوقالات فيستحسنونها.

فهذه محرّمة أيضا، وذلك لما يلي:

1- أنّها وسيلة إلى البوقالات المحرّمة، ونحن مأمورون بسدّ الذّرائع.

2- أنّ أصل البوقالات شركيّ، فمن باشر مثل هذه المقولات فكأنّه أقرّ أصلها.

ألا ترى أنّنا نُهِينا عن الذّبح في مكان كان يُذبح فيه لغير الله، ونُهِينا عن صنع المأكولات بالمناسبات الّتي أصلها كفر أو معصية، ونُهينا عن التكلّم بالألفاظ الّتي يستعملها المشركون، وإن اختلفت النيّات

والمقاصد.


3- أنّ ذلك ممّا يطمِس الإيمان بالقضاء والقدر، فكثير من النّاس – وخاصّة مع مرور الأيّام وانتشار مذاهب العوام – قد يظنّون أنّ مثل هذه البقولات لها تأثير في شؤون حياتهم.

4- أنّها أيضا ممّا يُضعِف التوكّل على الله تعالى.

أمّا من اعتبرها من الفأل الحسن، فهو مخطِئ من وجهين:

- أنّ الفأل الحسن ليس جائزا على إطلاقه، فإذا كان المتكلّم بالكلمة الحسنة يتعلّق بها ويظنّ أنّ لها تأثيرا فهو ضالّ.

قال الشّيخ ابن عثيمين رحمه الله في " القول المفيد " (2/86):

"وبعض النّاس قد يفتح المصحف لطلب التّفاؤل، فإذا نظر ذِكرَ النّار تشاءم، وإذا نظر ذِكرَ الجنة قال: هذا فأل طيب، فهذا مثل عمل الجاهلية الّذين يستقسمون بالأزلام ".

هذا في المصحف الّذي تضمّن كلام الله، فكيف بغيره ؟!

إنّما شُرع لنا الفأل الحسن حتّى لا يُصاب المسلم باليأس والقنوط، فهو في المعنويّات بمثابة الألوان في المادّيات.

- أنّ الفأل الحسن يكون في الشّيء الواقع، أو الشّيء الّذي يعزم الشّخص على فعله، فيسمع الكلمة الحسنة فيزداد نشاطه في ذلك،

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" والفأل الّذي يحبّه صلى الله عليه وسلم هو: أن يفعل أمراً أو يعزم عليه متوكّلاً على الله، فيسمع الكلمة الحسنة الّتي تسرّه مثل أن يسمع: يا نجيح، يا مفلح،
يا

سعيد
، يا منصور، ونحو ذلك، كما لقي في سفر الهجرة رجلاً فقال: (( مَااسْمُكَ ؟)) قال: يزيد، قال: (( يا أبا بكر، يزيد أمرنا )) [" مجموع الفتاوى " (23/66-67)].

والله تعالى أعلم وأعزّ وأكرم، وهو الهادي للّتي هي أقوم




السؤال

أخ كلفني بأن أسأل الشـــيخ عبر الهاتف بــعد عدة محاولات بلا جدوة

أخ جديد في الإلتزام حوالي ثلاث سنوات و الآن هو يخاف على نفسه الإنتكاس و الأسباب التي جعلته على هذه الحالة كثيرة و لكن السبب الوحيد الذي يشوش عقله هي بنت كانت له علاقة قبل الإلتزام ثم تفارقا لم يكن هناك اتصال بينهما بعد سنتين، حوالت الاتصال به بكل وسائل الاتصالات و لم يرد عليها شيأ و لكن في هذه الأيام منذ حوالي شهر أكثرة عليه بالاتصالات و الرسائل و الله المستعان تذكره بالأيام السابق و تتكتب له إلا الكلمات الطيبة المشوقة فبدأ قلبه يميل إليها ولا يفكر إلا فيها و بدأت أفكاره تتغير و مشاريعه تغير فبارك الله فيكم بماذا تنصحونه لكي يكون سببا في ثباته و علما بأنه بعيد على مرحلة الزواج . بارك الله فيكم


الجواب

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فنسأل الله لنا ولأخينا ولجميع شباب المسلمين الثّبات على الصّراط المستقيم، وهدي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم القويم.

فاعلم أخي الكريم أنّ العلماء قد قرّروا أنّ داء العشق من أخطر الأدواء على القلب، وأجلبها للذمّ والثّلب، وكيف لا، وفتنة النّساء هي من أعظم الفتن الّتي تواجه

المسلم لتصيبه في أغلى وأعظم وأفضل ما لديه ألا وهو دينه، وتحجبه عن أعظم وأكرم من يريد النّظر إليه وهو ربّه عزّ وجلّ ؟!

وقد جاء في صحيح البخاري عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ )).

وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّمقَالَ: (( إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ
مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ

تَعْمَلُونَ
، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ )).

وجاء عن طاوس عن ابن عبّاس رضي الله عنه أنّه قال: ( إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ كُفْرُ مَنْ مَضَى إِلاَّ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ !!).

وعن سعيد بن المسيّب قال: ( مَا أَيِسَ الشَّيْطَانُ مِنْ أَحَدٍ قَطْ إِلاَّ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ ).

فمثل فتنة النّساء كمثل الطّوفان العارم، { لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ }، فنسأل الله تعالى أن يعصمنا ويحفظنا من الوقوع فيها إنّه هو أرحم

الرّاحمين.

فعلى الأخ السّائل أن يسارع إلى الرّكوب في سفينة النّجاة، وذلك بما يلي:

1- أن يُغيّر رقم هاتفه، فليس من الحزم والصّدق أن يفسح المجال لمريضات القلوب في الاتّصال به !

وأين أنت من ذلك التّائب الّذي قال له العالم: ( إِنَّكَ بِأَرْضِ قَوْمِ سُوءٍ، فَاخْرُجْ إِلَى أَرْضِ كَذَا، تَجِدْ قَوْماً يَعْبُدُونَ اللهَ، فَاعْبُدْ اللهَ مَعَهُمْ )، فمات في الطّريق فدخل

الجنّة ..

فأنت كذلك – أخي الكريم – لا بدّ من التّحوّل ممّا أنت عليه.

ولا تستمع إلى وحي إبليس بأنّك بحاجة إلى رقمك الحالي، فلا حاجة أعظم وأهمّ وأغلى من الثّبات على الدّين الحنيف.

2- احــذر العاطــفـــة !! فإنّ المرأة المريضة لا تُعالج بالكلام الرّقيق، والطّلب اللّين، وإنّما علاجها الحزم والصّرامة، (( وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ جَاهٍ وَجَمَالٍ،


فَقَالَ
: إِنِّي أَخَافُ اللهَ )) ..

وكُن كذلك الشّابّ الّذي حكى عنه ابن القيّم رحمه الله في" طريق الهجرتين " (324):

فتًى كان بالكوفة جميل الوجه شديد التعبّد والاجتهاد، فنزل في جوار قوم من النّخع، فنظر إلى جارية منهنّ جميلة فهويها، وهام بها عقله، ونزل بالجارية ما نزل

به،
فأرسل يخطبها من أبيها، فأخبره أبوها أنّها مسمّاة لابن عمّ لها، فاشتدّ عليهما ما يقاسيانه من ألم الهوى.

فأرسلت إليه الجارية، فقال الشّابّ للرّسول:
قل لها ( إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) أخاف نارا لا يخبو سعيرها، ولا يخمد لهيبها. فلمّا أبلغها

الرّسول قوله قالت:
وأراه مع هذا يخاف الله
، والله ما أحد أحقّ بهذا من أحد، وإنّ العباد فيه لمشتركون ثم انخلعت من الدّنيا وألقت علائقها خلف ظهرها،

وجعلت تتعبّد حتى ماتت
.

فرآها في منامه فقال: كيف أنت ؟ وما لقيت بعدي ؟ قالت:


نـعم المحبّـة يـا هـذا محبّتكم * * * حبّ يقـود إلـى خير وإحسان

إلى نعيـم وعـيـش لا زوال له * * * فـي جنّة الخلد ملك ليس بالفاني



وصدق النبيّ صلّى الله عليه وسلّم القائل: (( عَجِبَ رَبُّكَ مِنْ شَابٍّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ )).

3- فإن لم تتّعظ لكلمة التّقوى، فآخر الدّواء الكـيّ، فعليك أن تجرح كبرياءها، بذلك تخبو نار غطرستها، وتستيقظ من غلتها، وتفيق من سكرتها.

4- كُــن رجلاً ! واجعل نُصب عينيك حديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَتَرْضَـاهُ لِأُخْتِكَ ؟)) !!

فالرّجل ذو المروءة لا يخوض مع الخائضين، ولا يقع في المستنقعات مع الواقعين .. فإن ضعُفت المرأة فكُن لها خير مُعين على أن تعود إلى رشدها، وتستغفر

من ذنبها، وذلك بألاّ تجِيب على مكالمتها ..

واحفَظ عنّي ما أقول: فإنّها لن تفقد الأمل في عودتك، ولن تقطع رجاءها في رجعتك، ما دُمت تجيب عن مكالمتها !!

5- اعتبِر من حالـهـا لمآلـهـا:

هل المرأة الّتي تخون أهلها، وتسعى جاهدة لعقد علاقة غير شرعيّة مع شابّ، هل هي محلّ إعجاب وثقة ؟

هل تأمن أن لا تخون هذه الفتاة غدا زوجها، كما خانت أهلها ؟ فخذ الحكمة ممّن قال: ( أُكِلتُ يوم أُكِل الثّور الأبيض ).

6- تذكّر فضل العفّة: فهي من أسباب سعادة المرء، كما قال بعض السّلف: والله للذّة العفّة أعظم من لذّة الذّنب. وقال الغزالي في " إحياء علوم الدّين "

(3/55):

" ولا معيشة أهنأ من العفّة، ولا عبادة أحسن من الخشوع، ولا زهد خير من القنوع، ولا حارس أحفظ من الصمت، ولا غائب أقرب من الموت ".

وقال في موضع آخر:" وأمّا خلق العفّة فيصدر منه السّخاء والحياء والصبر والمسامحة والقناعة والورع واللطافة والمساعدة والظرف وقلةّ الطمع " .

وكلّ ذلك لوعد الله تعالى على لسان نبيّه صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه الإمام أحمد: (( إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَّا آتَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ )).

7- عليك بالخلطة الصّالحة، الّذين يذكّرونك بالله والاشتغال بمعالي الأمور، والّذين يطردون عنك الخَوَر والفتور.

8- احـذر الفـراغ !

فإنّما هي سحابة صيف، وأحلام يقظة أو طيف، سرعان ما تزول وتنقشع، والمرء يضعُفُ أحيانا، فابحث عن سبب هذا الضّعف والفتور،
فستجده الفراغ القاتل

للشّباب
، والقاضي عليهم بالخراب، فاشغل نفسك بحفظ القرآن الكريم، وحضور مجالس العلم، فإنّ الله لن يجعل للشّيطان عليك سلطانا.

والله الموفّق لا ربّ
سواه.

0 التعليقات:

إرسال تعليق